الأيام العشر الأولى من ذي الحجة أيام مباركة وعظيمة أقسم الله تعالى بها في القرآن الكريم لعظيم شأنها ومكانتها قال تعالى: ( وَالْفَجْرِ. وَلَيَالٍ عَشْرٍ ).

قال ابن عباس رضي الله عنهما: “إن الليالي العشر التي أقسم الله بها هي ليالي العشر الأول من ذي الحجة”. تفسير الطبري (24/396).

فمن أعظم نعم الله علينا ‏أن بلغنا هذه الأيام العشر ونحن في صحة وعافية وهذه نعمة لا يدركها إلا من افتقدها.

فنحن نعيش في أفضل أيام الدنيا قال رسول اللَّه ﷺ: (مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرجِع مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ). صحيح الترمذي ٧٥٧.

قال الإمام ابن حجر رحمه الله: “وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّ السَّبَب في امْتِيَازِ عَشْرِ ذي الحِجَّة لِمَكَانِ اجتماعِ أُمَّهَاتِ العبادةِ فيه ، وهي الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالحَجّ ، ولا يَتَأَتَّى ذلك في غَيرِه”. فتح الباري ٦٤٤/٢.

وقال العلامة ابن باز رحمه الله: “هذا يَدُلُّ على فضلِ هذه الأيام ، هُنَّ أيام عظيمة ، يُشْرَعُ فيها لِلْمُؤْمِنِ الإكثارُ مِنْ أعمالِ الخير” . شرح رياض الصالحين ٥٨٩/٣.

وهذه بشرى لكم جميعاً قال رسول الله ﷺ : “ما أَهَلَّ مُهِلٌّ قطُّ إلَّا بُشِّرَ ، ولا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قطُّ إلَّا بُشِّرَ ، قيل : بالجنةِ ؟ قال : نَعَمْ”. الألباني السلسلة الصحيحة 1621 أخرجه الطبراني 7779.

وقال عمر رضي الله عنه: “قول العبد ( الله أكبر ) خير من الدنيا وما فيها”. فتح الباري لابن رجب 8/9.

وقال ميمون بن مهران رحمه الله: “أدركت الناس؛ وإنهم ليُكَبِّرون في العشر ، حتى كنتُ أشبِّهُهُ بالأمواج مِن كثرتها”. فتح الباري لابن رجب 9/9.

فجدوا واجتهدوا واستعدوا وتأهبوا لها واحتسبوا الأجر وجهزوا حاجاتكم ، فقد كان الصحابة والتابعين رضي الله عنهم يدخرون حاجاتهم وأمنياتهم ليوم عرفة وقد اقترب هذا اليوم الفضيل ، فأيامكم عظيمة وربكم أعظم ، وهذه العشر تتنزل فيها المغفرة والرحمات والبركات ، فابتعدوا عن المُلهيات فمشاغل الحياة لن تنتهى ، افتحوا مصاحفكم وأكثروا من قراءة القرآن الكريم ، أحيوا الليالي العشر بالذكر ، والصلاة ، وبر الوالدين والصدقات ، والإحسان إلى الجيران والفقراء والمساكين ، وأكثروا من الدعاء ؛ فإن ربكم سيملئ أكفُكم بالخيرات.

طهروا قلوبكم ، ونقوا سرائركم واعتبروها فرصة جديدة للتوبة والاستغفار والخيرات ، واجعلوا شعاركم فيها (وعجلتُ إليك رب لترضى) ، تسابقوا في الإقبال إلى الله تعالى، وتنافسوا في الأعمال الصالحة فيها ، حفزوا أنفسكم وأهليكم وأصدقائكم ، قولوا لهم ما هي إلا [ أيّاماً معدودات] ستنقضي وتنتهي عما قريب ، اللهم وفقنا فيها لحسن العمل وصلاح النية واغتنام هذه الأيام المباركة.