الحياة تمضي وهي أشبه بعربة قطار يتوقف لبعض الوقت، في كل محطة ينزل ركاب وأيضا يصعد ركاب على متن عربته المتنقلة تلك. في حياتنا نلتقي بعابرين يعبرون حياتنا قد يمكثون أياما وأحيانا سنوات منهم أصدقاء وزملاء عمل وزملاء دراسة، أينما كانت مناسبة ذلك اللقاء بهم فالكل لديه محطة ينزل بها قد تطول الرحلة أو تقصر.

وقد يكون هناك ركاب جدد يصعدون لعربة قطار حياتنا نتعرف عليهم، ولكن في آخر المطاف لا بد لكل منا أن يأخذ طريقا مختلفا. هذه هي الحياة، وهناك أيام قد تأتي بك لصدف سعيدة تعيش ايامها وذكرياتها.

أجمل الصدف التي قد نعيشها هي الصدف التي تجمعنا بأناس ذوي معدن طيب وخال من العيوب، تلك الصدف هي صدف مميزة تنير حياتنا من كل جانب.

أنا شخصيا كنت مميزة بتلك الصدفة التي جمعتني لوقت قصير جدا بقامات هن من أروع وأجمل من عبروا في مشوار حياتي العملية، ولكنهن بكل أسف يترجلن اليوم عن كرسي الوظيفة وصولا للمحطة الأخيرة بعد انقضاء أعوام من العطاء، يودعون مهنتهم التي قطعوا فيها عمرا وشوطا من الزمن.

الأسف كبير بحجم الخسارة، القامة ليست واحدة بل ثلاث قامات من أبرع وأروع وأجمل القلوب اللاتي عملن في سلك التعليم على مدار سنوات، اليوم يغادرن المكان ويتأهبون للنزول في المحطة الأخيرة، التقاعد، الذي أتمنى أن يكون بداية جديدة لمرحلة قادمة من حياتهن.

تلك القامات تخلقن بأخلاق الكبار، وأعني بالكبار هنا أي أصحاب النفوس الكبيرة الصدور الواسعة لم يلتفتن إلى أنفسهن ولم يقفن عندها وإنما كان جل اهتمامهن العلم والتعليم والعطاء الكبير له.

لقد حلقن عاليا مترفعات عن الدنايا وسفساف الأمور. عهدتهن عاليات الهمة ورأيتهن يسمون عاليا، عندما لم يبحثن عن مدح أو ثناء من أحد تواجدهم فقط كان يضفي على المكان هيبة ووقار.

هؤلاء الكبار الذين أتحدث عنهم اليوم والذي شرف قلمي بالكتابة عنهن، هن نخبة النخبة وشموع أضاءت الثانوية الخامسة والأربعون على مدار سنوات، هن الفاضلات: القائدة الرائعة والجميلة قلبا وقالبا مريم الوافي، الخلق، الدماثة والتواضع الجم الذي شملت به الصغير والكبير والتي قادت دفة السفينة التعليمة بكل جدارة واقتدار.

والوكيلة ذات القلب الكبير المفعم بالحب والحنان والتي تأسر كل من عرفها من أول لقاء نجمة الغامدي.

والوكيلة البارعة باحتواء المواقف وتذليل الصعب إلى سهل والتي اجتمع الكل على محبتها بثينة المشهراوي.

جميهن بدون استثناء لديهم من الحكمة والبصيرة النافذة الشيء الكثير. تلك الوجوه لن تتكرر. تلك هي القلوب التي لا بديل لها ولن يمنحنا أحد صدقها ونقاءها والتي يشع من بين ثناياها حب كبير للآخرين. هم أجمل وأنقى بالعطاء كانوا وسيظلون بريقا لا ينطفئ بحياتنا، اليوم نودعهم وسيكون هناك الكثير من الأشياء التي ستبقى محفورة في ذاكرتي.

قد يبدو الفراق صعبا، لكن علينا أن نتذكر أننا مجرد عابرين في حياة مهنية مليئة بالتحديات، ومهما كان الفراق صعبا إلا أنه سيفتح الباب لبدايات وفرص جديدة ستكون أجمل بإذن الله.

الرحيل واللقاء من سمات الحياة، سأفتخر دوما بالأزمنة التي سأقضيها في هذا الصرح وستظل في قلوبنا ذكراكم مختلفة الألوان والأشكال، وستظلون بكل تأكيد في قلوبنا إلى الأبد. سنشتاق إليكم عندما نسير في ممرات المكان ولا نراكم. ستظل ذكراكم حية وحاضرة في داخلنا. سنذكركم مع كل هبة نسيم.

وستظل ملامح كل الأمكنة تذكركم. بلا شك، لن نستطيع صنع أشياء عظيمة في الحياة ولكن نستطيع ترك أثر جميل بعد المغادرة. مريم الوافي، نجمة الغامدي، بثينة المشهراوي لكم أثر بالغ البقاء تركتموه في داخل كل من التقاكم وكان له شرف المكوث معكم لبعض الوقت.

شكرا لكم جميعا على المرحلة الرائعة والذكريات الجميلة التي سنحتفظ بها دائما

فلكن جل تقديري ومحبتي.