بلا شك جميعنا كبشر نعيش في هذه الحياة تنتابنا في بعض الأحايين لحظات من الضعف والتعب والياس، وقد نعاني من الانكسارات وضغوطات الحياة التي لا تنتهي. ندرك مع مرور الأيام أن كل ما نمر به ما هو إلا أمرا طبيعيا كوننا بشرا قال تعالى: (لقد خلقنا الانسان في كبد) ذلك هو كبد الحياة.

التقيت في أحد الأيام بإحداهن، جلست معها وأخذت أستمع لأحاديثها التي استشفّيت من الوهلة الأولى مدى حجم المرارة التي تكاد تغص بها، كانت تتحدث بيأس بالغ وسلبية كبيرة جدا، وكلما حاولت أن أهدئ من روعها وأن أوضح لها أن هذا حال الجميع وأن الكل قد يعاني أمورا تفوق تحمله، ولكن مع كل ذلك ليس لنا سوى الصبر على البلاء أيا كان. تحدثت كثيرا وحاولت معها ولكنها كانت بكل لحظة تقاطعني وتفرض نظرتها السلبية والسوداوية على الحوار.

بعد ذلك أدركت أن جلوسي بجوارها وإدارة دفة الحوار والنصح لها لن يفيد معها طالما كان اليأس هو سيد الموقف.

أعيش بيقين تام ونظرة شمولية فاقت كل تصور بأن هذه الحياة ليست كلها كدر ولا غصص ولا ألم ولا تجارب سلبية ولا نزعات واهية، هناك بصيص أمل مع كل معاناة يعانيها أي شخص، هناك جمال حتى لو كان مستترا لابد له أن يظهر ويشع معه الفرح والحبور بيوم ما، فلماذا لا تكن جميلا لترى الوجود جميلا؟

قبل أن أغادر تلك الشخصية التي كنت أحادثها قلت لها: “إذا لم ترى فيما حولك أي جمال فإنك بكل تأكيد لن ترى في هذا الوجود بأكمله أي شيء جميل.”

طالما أن نظرتك لكل شيء سوداوية فإنك لن تستمتعي بالحياة التي تعيشينها، لأنك بكل أسف محوتِ أي أثر للإيجابية من قاموس حياتك.

قد يكون بهذه الحياة أمثال تلك الشخصية، لا يسعون لتغيير ما بأنفسهم والسعي والركض ومجابهة كل مصاعب الحياة بقوة وإيمان وثبات. لم يحاولوا تخطي محطات اليأس وظلوا واقفين في أماكنهم يجترون سلبيات الواقع الذي يعيشون فيه بمفردهم.

جميلة تلك النعمة وهي نعمة إدراك أن ليس هناك حزن دائم وأيضا ليس هناك فرح سيستمر، كل مر سيمر بقدرة الخالق حتما.

القبول والرضا بما قسمه الله جل في علاه هو الراحة بذاتها، نحن سنعيش مرة واحدة في هذه الدنيا إذا، فمن المنطق أن نعيشها بإيجابية وإيمان مهما كانت تقلباتها.