قبل عدة سنوات كان لي صديقة غالية ومقربة جدا لقلبي، كانت دوما ما تكون حواراتنا مشتملة على مواضيع واعية ونحاول أن نفهم ونحلل أي موضوع نتطرق إليه بصورة شمولية من كل الجوانب.

لنخرج في النهاية بفوائد عدة من ذلك الحوار والنقاش
كنا يافعين بعقول راجحة.

لا مكان للغيبة بأحاديثنا، وأفكارنا أرقى وأرفع كان حبنا للمواضيع الفلسفية يفوق كل شيء.

كان يتخلل حواراتنا في بعض الأحايين شيئا من روح النكتة العالي، الذي كان يجعلنا نحلق داخل المرح مع الضحكات التي تشع كلها بالسعادة والأمل.

ثم بعد ذلك، لم يعد يجمعنا أنا وصديقتي تلك أي جامع؛ فالحياة قاسية للغاية فهي تفرق الأصدقاء، ولكن فراق صديقتي كان برحيلها عن هذا العالم، رحلت إلى الأبد ارتحلت إلى البارئ سبحانه، غادرتنا مبكرا وبدون مقدمات.

من بعدها لم أبحث مرة أخرى عن صديقة بديلة.

قيل: “إني لأفتح عيني حين أفتحها على كثير ولكن لا أرى أحدا.”

اتخذت بعد صديقتي كتاب فقط، و لابديل عنه القراء كانت هي الحوار الصامت الراقي والواعي الذي عشت به ومعه طويلا من بعدها في زحمة هذه الحياة.

اليوم، وبعد كل تلك السنوات كان قلمي هو من يسير على هذه الأسطر ليخط بضع أحرف مفادها: لن يكرر الزمن الماضي ما عشناها أيا كان، لن نلتقي الأصدقاء الأوفياء حتما؛ فوجودهم أصبح من الندرة، ولن تتكرر السنوات التي مضت من العمر، لن نعيش لحظات كانت تشع بالفرح والحبور والصدق والمحبة مع أحبة لنا قد غادرونا لأنه وبكل بساطة هناك مرة واحده من كل شيء بالحياة، مرة واحده فقط بالعمر، يمكن أن نجتمع بأصدقاء يشاطرونا الفكر والمنطق الراقي مرة واحده فقط!