تيقنت من شهيق ليلها وزفير دمعها بأن حلمها المُعتم سوف يضاء وبأن ديجورها الدامس بين أمواج مخيلتها سوف يُغمر في هجير الرحيل فقد حاولت بإستحياء أن تغزو سعير الشمس حتى سكبت على مروج جسدها كل عقود التراتيل المُختارة والآمال داخلها متعبة ولا عبارة.

وجهٌ جاد عابس ثابت بنظراته يحمل في إطلالته بكاء كل مهجة ترحة عرَّش على نبضها الضجر من تعاظم الألوان على قاع تقاسيمها فقد حدَّقت بكل ماملكت من مشاعر أليفة عليه وإليه ولكن كان صدفها ينضوي إلى عالم آخر يلتهم فيه الصلد الكليل ربما من شدة الخوف الذي كان مرسوماً بجدارة على وجنتيها المنطفئتين وعلى جدار أنفها اللوزي الذي كان يقودها وهي متكئة بإنتشاء قلق على ساحة الأذى والحرمان.

وقفت على حافة البداية وهي تحاول أن تتشبَّث بزمام الهواء في يديها المرتعشتين فقد كانت في تلك اللحظة التي خطت على ثلة الأعناق من لفيف الغازين الشاحبين لاتمتلك إلا إرتعاشة النقشات المنمَّقة التي كانت تغطي أطرافاً مما كانت لاتمتلك من جسدها المُبعثر بين ضفائرٍ مُجدلة قد انفلتت لتوها لتُجسِّد ميلاد نحبها وأقدام حافية مضطربة شبه نائمة تترنح بإتزان جاف على أرضية المشهد الصاديء حتى وإن كانت مغطاة بوشمٍ قد يكون فريداً في طفولته البريئة .

صرخت من داخلها وهي تتلعثم في خطوتها تجاه من كان يرصد تلك الخطوة والأصباغ عليها كانت سافرة بألوان ورودها التي ذابت على قارعة الطريق.

كانت تريد أن تنوح وتمضي بحزنها ولكن بنسقها الذاتي تبحث عن جداول الدمع الفاتر التي غابت جدائل أنهارها في نقطة حرجة من عينيها التي كانت تقف بكل شمم مغروزة في ذلك الوجه المندهش..

تُرى ماسر هذة الدهشة ؟ ألم يكن ذلك جزءاً من ترانيم الوحدة التي يجب أن تُكمل مسيرتها ؟ هل شعرت فقط حين ذلفت قدميها تلك الأرضية بإنسانيتها التي غادرت إلى مراتع الذهول وسط ذلك الرَّهط المُخيف؟ هل ذلك فعلاً ماكانت تتمناه و تسعى إليه ؟ سمو روحي تعيش بداخله تحاكيه ويحاكيها في كل ليلة من عمرها الأجدب لاتستطيع وهي في كرها وفرها أن تخلعه عن جوهر جسدها فالقيم المضيئة لديها كانت تنتصر على ماكانت تُخبِّئه نحوها تلك الأعين الآسنة والجانحة هي قد لاتعرف حقيقةً بأنها قد شنقت على يديها تلك الفراشات المتدلية من بعض فساتينها التي كانت قد ارتدتها وتتمنى وبصدق أن تعبر إلى ذلك العالم الذي يحظى بالسمو الناصع النقي تتعلم من ماضيها مايعينها على حاضرٍ مونق وغدٍ باسم تنسى فيه خطوتها الأخيرة أمام أولئك المعذبين والمصفَّدين والمحنَّطين الذين يرون في الظلام نوراً وفي المكر عذراً وفي الذبول سكونا !!!

أولئك الذين ينامون على أرضية الزحام لكي يبيعوا الملح واليإس لأعراس الفصولا !!!