لا أخيفكم سرًا أن تخصص علم النفس وعلم الإجتماع هما تخصصان متدخلان لا يمكن يستغنيان عن بعضهما البعض، فكلاهما تخصصان يستكشفان السلوك البشري بشكل شامل والأفكار والتفاعلات، ولكن يتعاملان مع هذه السلوك البشري من وجهات نظر مختلفة.
فعلم النفس يركز على فهم السلوك الفردي والأفكار والعواطف، ويدرس كيف أن العوامل الداخلية مثل سمات الشخصية والدوافع والعمليات المعرفية تشكل تصرفات الفرد؟
بينما يدرس علم الإجتماع السلوك الجماعي للمجموعات والمجتمعات، ويتعمق في الهياكل الإجتماعية، والمعايير الثقافية وتأثير المؤسسات الاجتماعية على الأفراد، ويُعتبر “الإرشاد الإصلاح الأسري” فرع من فروع علم الإجتماع والذي يهدف إلى مساعدة الأسرة في حل مشكلاتها، وتفهم ظروفها والتعرف على سلبياتها وإيجابياتها، من أجل تحقيق التوافق الأسري.
فأما اليوم ما نواجهه من تداخل في التخصصات، وتعدي من قِبل بعض من المختصين على تخصصات بعضهم البعض وللأسف الشديد نجدهم في وسائل التواصل الاجتماعي بالمساحات، وبالتيك توك وببعض من المراكز، أو ظهور غير مختصين يتحدثون في علم النفس وعلم الإرشاد والإصلاح الأسري، أو العلاج الأسري أو الطب النفسي.
فنجد مثلًا مختص في الخدمة الإجتماعية ويتحدث عن الإكتئاب وطرق تشخيصه وعلاجه، ومختص في علم النفس يتحدث في تخصص الإرشاد الأسري والزواجي ويشخص الحالات ويعطي حلول وطرق علاجية، وهذا التداخل لا يكون ضحيته سوى أفراد المجتمع والأسرة.
وأما عن الدُخلاء وما أدراك من الدُخلاء من غير المختصين؟
فقد ظهر اليوم أشخاص دخلاء غير مختصين حاصلين على شهادات اللايف كوتش “مدرب حياة” ICF ويموهون المجتمع بأنها شهادة معتمدة من ACC و IPEC، يكتبون في “البايو” وهي السيرة الذاتية لحساباتهم على وسائل التواصل الإجتماعي ووعود كاذبة في التخلص من جروح الطفولة وصدماتها من خلال تقديم جلسات نفسية كما يزعمون، وتقديم جلسات للإستشارات الأسرية، مع فتح موقع الكتروني رسمي ويقبلون من خلاله الدفع الإلكتروني وبمبالغ خيالية تُرهق جيب المواطن والمواطنة وبيع الوهم عليهم، فوضى عارمة يا أخواني وأخواتي، فوضى عارمة ما يحصل اليوم بوسائل التواصل الإجتماعي والضحية أفراد المجتمع والأسرة.
أما عن دخلاء التخصص وفوضى الإعلام الجديد فقد ظهرت حسابات لغير مختصين بوسائل التواصل الإجتماعي تحت اسم “تساؤلات، أسألني، مشكلتي” مجهولة المصدر تعرض مشاكل زوجية مستفزة جدا وتطالب بطرح الحلول من غير مختصين،كما ظهر أشخاص يحملون تخصص مثل ما ذكرت لقب “لايف كوتش” يفتحوا حساب على “التيك توك وسناب شات”، ويفتحوا الكامير ويهبدون هبد الهابدين ويقدمون نصائح تهدم بيوت عامرة، وتنشر التفكك الإجتماعي.
إليكم مثالين واقعيين الأول لشخص يردد بفيديو “أعتزل ما يؤذيك، أسعد نفسك بنفسك فلن يفيدك أحد” هذه فيها رسالة مبطنة تدعو إلى الأنانية والفردانية وهذا شيء منافي للفطرة السليمة فالإنسان إجتماعي بطبعه، وتتعارض مع قيمنا الإجتماعية ومبادئ ديننا الحنيف الإسلام.
وأيضًا تؤدي إلى تدمير القيم المجتمعية والأسرية بدلًا من بناء علاقات إجتماعية وعائلية سليمة وثابتة وذات قاعدة قوية ومتينة، وتشويه الفطرة الإنسانية السليمة التي أمر بها ديننا الحنيف، وضد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا)
والمثال الثاني لشخص يفتح بثًا مباشرًا يشوه مؤسسة الزواج قائلا: “الزوجة مستغلة هدفها من انها تتزوج لتأخذ مهر وتمتص راتبك” مما يسبب عزوف الشباب عن الزواج، وتأجيج الرأي العام من فئة الشباب ضد الفتيات، وضد المرأة العاملة، وضد الزواج، وجميع ما سبق ضد الفطرة السليمة وضد ما أمر به ديننا الحنيف وأعيد وأكرر الضحية أفراد المجتمع والأسرة.
أما عن كيفية تفعيل دور الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ووزارة الصحة والنيابة العامة في حماية المختصين والمراجعين؟
تهدف #رؤية_المملكة_2030 إلى تحسين جودة حياة الفرد والأسرة من خلال تهيئة البيئة اللازمة.
واليوم ما يحصل في وسائل التواصل الإجتماعي من تدمير للصحة النفسية، وخلق فجوة وهوة بين الأزواج والزوجات، وهدم للعلاقات الأسرية، ونشر الفردانية والتفكك الإجتماعي عن طريق تقديم النصائح الهدامة والتشخيص والعلاج الغير مبني على أسس علمية من قبل غير المختصين يتعارض مع أهداف الرؤية ؟
لذلك أتمنى من الموارد البشرية والتنمية الإجتماعية بالتعاون مع وزارة الصحة والنيابة العامة تفعيل “المادة 28” من نظام المهن الصحية وهو معاقبة أي شخص غير مختص وغير مصرح من الجهات المختصة يقوم بتقديم النصائح الهدامة والتشخيص والعلاج الغير مبني على أسس علمية عبر وسائل التواصل الإجتماعي.
أخيرًا وليس آخرًا كيف تحمي نفسك أخي المواطن وأختي المواطنة كمراجع أو كعميل للتفريق بين المُختص وغير المُختص؟ كرجل أمن أول لدولتنا الحبيبة؟
بكل بساطة شديدة لو قمت بزيارة مركز للإرشاد الأسري أو للعلاج النفسي أو بوسائل التواصل الإجتماعي وجدت حسابات للإستشارات، والتشخيص طالبوهم برؤية شهادة التخصص سواء بكالوريوس أو ماجستير ودكتوراة، والأهم الأهم من ذلك المطالبة برؤية “شهادة التصنيف المهني والصادرة من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية لمزاولة المهنة” وهل التصنيف متطابق مع المسمى الوظيفي للمختص؟، فلو وجدتم بالشهادة مكتوب معالج أسري هل صحيح هذا المُختص يمارس العلاج الأسري أم يمارس العلاج النفسي؟؟ والعكس صحيح.
وفي حالة وجدتم مخالفة لا تترددوا في الاتصال على هاتف وزارة الصحة 937 وتقديم شكوى رسمية ضد المركز، وفي حالة وجدتم حسابات للإستشارات، والتشخيص لغير مُختصين قدموا بلاغ على الموقع الرسمي للهيئة العامة لتنظيم الإعلام.
التعليقات
جزاك الله خيرا … فأنت دائما تذكريننا بالجميل.
اترك تعليقاً