تفاصيل شائكة وصراعات جنودها الوهم بين العقل والقلب داخل الإنسان . أحدهما خيال عميق والآخر حب يرسم معالم الحياة بنور الأمل .

إنها الفوضى يثير زوبعتها ويهيج رياحها وعواصفها التفكير والوحدة والألم .

إما ممطرة مع الأيام لينتشي الفؤاد فرحاً ويتحرر من قيود الأحزان ليملأ الدنيا ضجيجاً تسعد به الأرواح ، إنها الغريزة الإنسانية تأوي إلى حيث تسكن في واحات الطبيعة ومرابض الاطمئنان .
إنها الحياة يدخل من أبوابها أشخاص غرباء منهم من يسكن إعجابا و مودة أو صداقة عابرة ترجمتها المواقف إلى وصل أبدي وعشرة محفوفة برغيف خبز .

وآخرون يغادرون رحيلا من الوجدان والمكان إلى حيث ترسو بهم شواطىء الأيام لتكون أسماؤهم في صفحات تسطرها الحروف وتقلبها الذكريات في ليالي الشوق إليهم يسوقه الحنين في سراب الهجير .

هنا ربكة في حياة هايدي ، فقد أثار الإعجاب سواكن الروح في نفسها من الورقة التي كتب تعابيرها السيد كاري هذا الزائر الغريب في ليلة الاحتفال ، لقد كتب أشجان غيرت معالما وأفكار تدور في خلدها ، هناك قصاصات عندما تقرأها كأن كلماتها تغمسك في أنهار الحياة وبحار السعادة من جديد يقضة على حين غفلة من الوقت .

جعلتها التعابير والمعاني ترتخي وترتمي بلا حراك على كرسي خشبي خارج الكوخ قد تفنن جاك ذات يوم في صناعته قبل موته ، مازالت يداه محفورة في جانبه حتى لا تشيخ عنه الذكريات ، تنفست عميقا وحدقت بالنجوم طويلا تقرأ عالم الأبراج وكانت المتعة في مثلثات ورسومات خيوطها تتدلى من أفكار الشياطين ليستمتع بها الحالمون بالتنجيم .

وبين الأعشاب أصوات الحشرات تغني طربا فالظلام يستر الوجوه وتبقى الأصوات تتفنن في إنشادها ليستتر الخجل والحياء فيه ، إنها طقوس الطبيعة عندما يسكن الليل تُعزف الأنغام طربها ، ولا تعلم هل هو غناء عازف أو سيمفونية حزينة تكتب الرثاء بين الحشائش لدفن أحزانها إنها الطبيعة .

نهضت هايدي ودخلت إلى الكوخ وتأملت ابنها هنري في سريره ملقى على الفراش ببراءة الأطفال ، ومعالم الجمال في وجنتيه احمرار الغروب ، وفي زخارف حاجبيه رسم يجعل الشفاة تعبر عن إعجابها مبتسمة بهذا الجمال قبلته بحرارة يلتهب الفؤاد شوقا لها فهو الذي ينبض حبه بين أضلاعها إنه فتات من بقايا الرحيل و صورة لأبيه وليم ، غطته برداء خفيف مبطن بالقطن الطبيعي حتى لا تلذعه شحنات الكهرباء الساكنة في جسده وتيقظه .

والجدة إيلين تتلوى على مضض فكاحلها مازال أليما وضعت هايدي يديها على جسدها تتحسس جسدها من الحرارة ، وهي بين النوم واليقظة زمجرت إيلين بصوتها ، إنني بخير يا هايدي هناك بعض الألم في قدمها ، طمأنتها سوف أكون على ما يرام بعد ثلاثة أيام إنه التواء خفيف .

يحتاج إلى قليل من الراحة والعناية . حسنا ، حسنا هكذا قال الطبيب !

الجبيرة ثقيلة قليلا .

إيلين تمتمت بكلامات غير مفهوم ، كأنها تقول إن المنزل الذي لا يكون فيه رجل تكون في زواياه فجوة لا يسدها غيره ، لقد رحل جاك ورحل إبنه وليم .

عادت هايدي إلى فراشها واستلقت .

عليها ثوب خفيف برزت تفاصيل كأمواج الغروب ، مازالت عواصف الفوضى تملأ الأفكار تنفست بعمق كان زفيرها فيه دمعة وداع على وليم كأنها دمعة مودع لذكرى سنين ولأيام حب بنى كوخه على نهر الريف لكي يستمتع بالأمطار والحياة بين أحضانها ، ولكن أقدار السماء وضعتها أمام الحياة كطفلة فقدت كل شي ولم يتبق في شفتيها سوى بقايا الحلوى التي غطاها التراب مبللاً بريق الوداع .

استعادت شريطا طويلا ، استعادت طفولتها وكيف نمت أحلامها ، وكيف كان أول لقاؤها بوليم وكيف بنت نظرات الإعجاب حبهما ، لينمو مع الأيام حتى صار أهجوزة نغم استقرت روحهما كعصفورين حالمين على نهر الحياة الجاري يشربون من رحيق الهوى ماء عذبة لذته في عناق الشفاه وفي تلاصق الأجساد حتى رسا الحب في هذا الكوخ و تكوين أسرتهم ، تذكرت رحلة المدينة عندما بدأت تشعر بأعراض الحمل وكيف كان وليم روحها الذي يغمرها بالأمان والحياة والأمل والحب شعورا مرهفا بين ذراعيه تسافر بها الأحلام نحو السماء ، شريط طويل استذكرته .

لم يبق منه سوى خيالها المتضارب .

إنها الذكرى يكفيها الماضي لتزيد في إدماء الجراح كفكفت دموعها ونهضت تغسل وجهها ، كأن المرايا على موعد لترميم الصور ، تأملت نفسها طويلا أمام المرآة هناك تفاصيل جميلة لا تشيخ مع الحزن ولا تستحق هذه الفوضى وهذا الألم .

الى ،،، يرقة أخرى في ريف الاعمى الذي يحلم أن يرى السماء .

ابتسم أيها الأنيق 🌹