من ماءٍ مهين ، من سلالةٍ من طين ، ويصيبك الغرور ، إذاً أنت في -قمة الغباء- والعذر من القارئ على هذه المقدمة الحادة في لهجتها ، الصارمة في فكرتها..
أنت كإنسان طبيعي في منزلك ورسمي في عملك ، محايد في مجتمعك ، في حالة خلوة مع نفسك ، تذكّر شيئ واحد فقط ، أنك لا شيء يُذكر أمام عظمة الله خالقك و مصورك ومبدع هذا الكون ، وليكُن في حسبانك بكل علم ويقين بأن هذا الكون كله لا يُساوي أمام الله جناح باعوضة ، فكيف بك أنت المخلوق الضعيف الذي لا حول لك ولا قوة..؟!
دع عنك كل الصفات والعادات المُدمرة لشخصك المُنفرة لمن حولك: (التكبُّر والتجبُّر والغرور والأنفة والجور والقسوة والعصبية والغضب والحقد والغل والحسد والغيبة والنميمة والوشاية والأنانية) فكل هذه الصفات السابقة منبعها ضيق الفكر وانغلاق النفس وجهل الروح..
افتح أفاق عقلك و وسعه كسجادة عتيقة مطوية من قديم عهدٍ ، تحتاج لنفض وتنظيف ..
يا ذا الفوقيّة أخفض من علو نفسك و دعك من نظرة الدونية لمن حولك ، فأنت بهذا المظهر حقير دنيء ، وتذكر قوله تعالى في سورة لقمان:
“وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)”..
وقوله تعالى في سورة الاسراء:
“وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37)”..
نعم أيها الإنسان البشري ، لن تصل بغرورك لعلو السماء ولن تخرق الأرض بقوة جبروتك ..
في يومٍ ما قد يُضعفك مرضٌ ، أو تتهالك في أرذل العمر بشيخوخة ، و تنتهي حياتك بلحظة وتتلاشى بسكْرة موتٍ ، فتعقّل وجانب الجهل والغرور..
يقول الإمام الشافعي-رحمه الله-:
وأقبح شيئ أن يرى المرء نفسه
رفيعاً وعند العالمين وضيعُ..
تواضع تكن كالنجم لاح لناظرٍ
على صفحات الماء وهو رفيعُ..
ولا تكن كالدخان يعلو بنفسه
على طبقات الجو وهو وضيعُ..
التعليقات
اترك تعليقاً