التنمر

التنمر هو سلوك عدواني متكرر يهدف إلى إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي بشخص آخر، وغالبًا ما يكون نتيجة لعدم توازن في القوة أو النفوذ بين الطرفين. يمكن أن يظهر التنمر في أشكال متعددة، مثل التنمر الجسدي، اللفظي، الاجتماعي، أو الإلكتروني.

يعد التنمر ظاهرة منتشرة في المدارس، أماكن العمل، وحتى عبر الإنترنت، ويؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية والجسدية للضحايا. قد يؤدي إلى انخفاض الثقة بالنفس، الشعور بالعزلة، القلق، والاكتئاب، بل وقد يصل إلى نتائج أكثر خطورة مثل إيذاء النفس.

قصه عن التنمر :
كان خالد، طالبًا هادئًا في الصف الثامن، يحب الرسم والقراءة في أوقات فراغه. لكن حياته في المدرسة لم تكن سهلة. كان هناك مجموعة من الطلاب يتنمرون عليه دائمًا بسبب هدوئه ونظاراته السميكة. كانوا يسخرون منه في الفصل، يرمون دفاتره على الأرض، وأحيانًا يدفعونه في الممرات.

في أحد الأيام، مزق أحد المتنمرين رسمًا قضى خالد أسبوعًا كاملًا في إنجازه. لم يستطع خالد تمالك نفسه، فركض إلى الحمام وأغلق الباب على نفسه، يبكي في صمت. شعر بالعجز، ولم يخبر أحدًا بما يحدث معه، لا والديه ولا معلميه.

ذات يوم، لاحظت ياسمين ، زميلة خالد في الفصل، أنه يجلس وحيدًا أثناء الاستراحة. كانت تعرف عن التنمر الذي يتعرض له، لكنها لم تكن تعرف كيف تساعده. قررت أن تبدأ بالحديث معه. ابتسمت له وقالت: “رسوماتك رائعة، هل يمكنني أن أرى المزيد منها؟” شعر خالد للمرة الأولى أن هناك من يقدره.

بدعم من ياسمين، قرر خالد أن يتحدث إلى معلمه عن التنمر. جمع المعلم الطلاب وناقش معهم تأثير التنمر على الآخرين، وكيف يمكن أن يسبب ألمًا كبيرًا لا يراه البعض. اعترف المتنمرون بخطئهم واعتذروا لخالد.

مع مرور الوقت، بدأ خالد يستعيد ثقته بنفسه. شارك في مسابقة فنية وفاز بالمركز الأول. لم يعد يرى المتنمرين كعائق في حياته، بل كدرس علّمه كيف يكون قويًا. والأهم من ذلك، أصبح وياسمين أصدقاء مقربين، وكانت دائمًا تذكره أنه ليس وحده.
تقديم شكوى عن التنمر يتطلب خطوات منظمة لضمان معالجة المشكلة بشكل صحيح

1. تحديد المشكلة بدقة:
• حدد نوع التنمر (لفظي، جسدي، اجتماعي، إلكتروني).
• اجمع أكبر قدر ممكن من التفاصيل (ما حدث، متى، أين، ومن كان حاضرًا).
• إذا أمكن، سجل التواريخ والأوقات.
2. جمع الأدلة:
• احفظ رسائل التنمر أو صور التهديد (في حالة التنمر الإلكتروني).
• التقط صورًا للأضرار الجسدية أو الممتلكات إن وجدت.
• استعن بشهود للحادثة إذا كانوا متاحين.
3. التحدث مع الجهة المعنية مباشرة:
• إذا كان التنمر في المدرسة، تحدث إلى معلم أو مشرف أو المرشد الطلابي.
• إذا كان في مكان العمل، تواصل مع مديرك أو قسم الموارد البشرية.
• إذا كان في المجتمع، يمكن التوجه إلى الجهات الاجتماعية أو المراكز المختصة.
4. كتابة الشكوى:
• اكتب شكوى رسمية تتضمن:
• وصفًا دقيقًا للحادثة.
• أسماء الأطراف المتورطة.
• تفاصيل الشهود أو الأدلة.
• الأثر النفسي أو الجسدي الناتج عن التنمر.
• كن واضحًا وصريحًا، دون مبالغة أو تقليل.
5. تقديم الشكوى للجهة المختصة:
• قدم الشكوى إلى:
• إدارة المدرسة (إذا كان التنمر بين الطلاب).
• قسم الموارد البشرية أو المدير (في حالة التنمر في العمل).
• الجهات الحكومية أو الشرطية (في حالة التنمر الشديد).
6. المتابعة:
• تأكد من استلام الجهة المختصة الشكوى.
• تابع الإجراءات المتخذة واسأل عن النتائج.
• اطلب اجتماعًا إذا لم يتم حل المشكلة بشكل مرضٍ.
7. طلب الدعم:
• تحدث مع مستشار نفسي إذا كنت تعاني من آثار التنمر.
• شارك المشكلة مع الأصدقاء أو العائلة للحصول على الدعم العاطفي.

نصائح وتوصيات للتعامل مع التنمر

للمتعرضين للتنمر
1. تحدث مع شخص تثق به:
• إذا كنت تتعرض للتنمر، لا تبقَ صامتًا.
شارك مشاعرك مع والديك، معلمك، أو صديقك المقرب.
2. لا ترد على المتنمرين:
• حاول تجاهلهم قدر الإمكان وعدم الرد بطريقة عنيفة؛ فهذا غالبًا ما يثنيهم عن الاستمرار.
3. حافظ على ثقتك بنفسك:
• لا تدع كلمات المتنمرين تؤثر على صورتك الذاتية. تذكر أن المشكلة فيهم وليست فيك.
4. اطلب المساعدة:
• إذا استمر التنمر، توجه للجهات المختصة في المدرسة أو العمل أو المجتمع.
5. احفظ الأدلة:
• في حالة التنمر الإلكتروني، التقط صورًا للشاشات واحتفظ بالرسائل المسيئة لتقديمها كدليل.

للمجتمع أو المحيطين:

1. لا تتجاهل التنمر:
• إذا لاحظت تنمرًا على شخص، تصرف بشكل حازم وادعم الضحية.
2. كن داعمًا:
• أظهر التعاطف مع المتعرض للتنمر وذكره بأنه ليس وحده.
3. شجع على الإبلاغ:
• حفّز الضحايا والشهود على إبلاغ الجهات المختصة بدلًا من الخوف أو الصمت.

للمدارس:

1. تعزيز بيئة الاحترام:
• اعمل على نشر قيم الاحترام والتسامح بين الطلاب من خلال الأنشطة والبرامج التوعوية.
2. وضع سياسة لمكافحة التنمر:
• أنشئ آليات واضحة للإبلاغ عن التنمر ومعاقبة المتنمرين.
3. التواصل مع الأهل:
• تعاون مع أولياء الأمور لحل المشكلة من جذورها.
4. تقديم الدعم النفسي:
• وفر مرشدين أو مختصين نفسيين لدعم الضحايا والمتنمرين لإصلاح السلوكيات.

للمتنمرين:

1. تعرف على الأسباب:
• ابحث عن السبب الذي يدفعك للتنمر (مشكلات شخصية، غضب، شعور بالنقص).
2. تغيير السلوك:
• تعلم كيف تعبر عن مشاعرك بطرق إيجابية بدلًا من إيذاء الآخرين.
3. طلب المساعدة:
• إذا كنت لا تستطيع التحكم في سلوكك، اطلب دعمًا من مستشار أو مختص نفسي.