التاريخ مرآة الشعوب والأمم، يعكس أفعالها ويوثق إخفاقاتها في صفحاته تجد قصصًا تلهم الأجيال وتدفعها نحو التقدم، وأخرى تذكّرهم بالمآسي التي يجب ألا تتكرر سجل لا يرحم؛ يخلد أسماء الذين صنعوا المجد لشعوبهم، ويفضح أولئك الذين دمروا الأوطان والأحلام.
على مدى 14 عامًا، عايشنا جميعًا ما مرت به سوريا، وعند ذكر بشار الأسد، تتبادر إلى الذهن تساؤلات عديدة: في أي صفحة سيخلد التاريخ هذا الشيء بشار الأسد؟ هل كان بشرًا مثلنا أم سلالة شيطانية خبيثة؟ وهل سيضطر التاريخ لاستحداث صفحات جديدة خاصة ببشار الأسد ومن على شاكلته؟
لن أكون مبالغًا إذا قلت إن أكثر الصفحات سوادًا ستكون مظلومة إذا سجل فيها اسم بشار الأسد، فهو أحد أبرز الطغاة الذين دمروا وطنهم وباعوا شعبهم في سبيل البقاء على كرسي الحكم، سيذكره التاريخ كرمز للاستبداد والوحشية، ذلك المجرم الذي لم يتردد في استخدام أي وسيلة للحفاظ على سلطته.
قتل مئات الآلاف من السوريين، وشرد الملايين، ودمر بلاده بالكامل وأباح للأعداء الاستيلاء على الأرض والتوسع في الداخل السوري دون أي ردة فعل منه ومن نظامه، حولها مرتعاً للجماعات الإرهابية الضالة، مكتفياً بالصمت الذي تجاوز حد الخيانة، متجاهلًا مسؤولياته كحاكم كان يفترض به الدفاع عن سيادة بلاده، لم يأبه لمآسي الأطفال والأمهات والآباء الذين فقدوا كل شيء بسبب سياساته القمعية التخريبية.
بشار الأسد لم يكتفِ بتفكيك وطنه، بل استعان بالقوى الأجنبية لتتحكم في مصير بلاده، محولًا سوريا والمنطقة برمتها إلى ساحة صراعات إقليمية ودولية، في مشهد يندى له الجبين، سيكون ذكره في صفحات التاريخ رمزًا للخيانة والطغيان، نموذجًا للقائد الذي خان شعبه وبلاده، وفضل التمسك بسلطة زائفة على حساب أرواح بريئة ومستقبل أمة.
لم يكلف بشار الأسد نفسه حتى عناء تقديم كلمة اعتذار للشعب السوري قبل هروبه إلى موسكو، تاركًا البلاد غارقة في الفوضى ومجردة من هويتها بين الأطماع الإسرائيلية والجماعات الضالة، ترك سوريا تواجه مصيرها المجهول وحدها، وسط دمار شامل ومعاناة تجاوزت حدود الوصف، ليظل اسمه مرادفًا للخيانة والخذلان.
التاريخ لا يرحم، وسيظل ما فعله بشار الأسد معلقًا في الأذهان لسنوات، ما فعله سيكون شاهدًا على جبروته، وسيكون أيضًا رمزًا لصمود الشعوب في وجه الظلم والطغيان. هذه الصفحات السوداء، مهما طالت، ستطوى يومًا لتُفتح صفحات جديدة تحمل الأمل والحرية لسوريا ولشعبها الذي يستحق مستقبلًا أفضل.
التعليقات
اترك تعليقاً