في هذه الحياة قد لا تحظى بفرصة ثانية لتترك لك انطباعًا أفضل.

ليست الأفضلية أن تحظى بقبول المجتمع لك من خلال مظهرك أو حسن هندامك أو مقتنياتك الشخصية باهظة الثمن أو منصبك الوظيفي، لا يُنظر للأمر بذلك فقط، بل بتلك الصورة الاجتماعية التي تنقل احترامك لنفسك وللآخرين.

طريقة جلوسك، أسلوبك في الحديث، انتقاء كلماتك وعباراتك المهذبة، نبرة صوتك الواضحة، طريقة تعاملك مع من حولك… كلّها رسائل تُبث وتُقرأ حتى قبل أن تنطق بأفكارك.

الإتيكيت الغائب مع الأسف، والذي لا يُجيده الكثير من الأشخاص ولا يطبقونه في تعاملاتهم الحياتية، هو ليس تصنعًا ولا طبقية… هو فن وتقدير للذات أولًا، هي هيبة حقيقية لا تُصنع، ولكن نُبصرها في الهدوء والثقة، لا في رفع الصوت والثرثرة التي لا طائل منها.

قد نلحظ في أحيان كثيرة من البعض سوء تصرف وتعنتًا مقصودًا، وذلك التصرف سينتج عنه فتح باب لسوء الفهم، وسيضع بينه وبين الأخرين حواجز لا داعي لها.

نحن نرفض الأشخاص ليس من أجل أفكارهم، وإنما لأجل أسلوبهم الفج أحيانًا.

هناك حقيقة لا تقبل الشك، وهي أن الأسلوب السيئ قد يُفسد أصدق الحقائق.

فلنكن على دراية بأن الأسلوب الجميل في كل شيء، والرقي في السلوك، لن يُضعف شخصية الفرد، وإنما يرفعها نحو السمو والألق.

اختلاف العقليات في الرؤى والتصورات أمر طبيعي وصحي، وخاصة في أماكن العمل المختلفة، لكنه يتحول فيما بعد إلى عائق كبير حين تُمنح سلطة القرار لأشخاص يفتقرون إلى الكفاءة والرؤية والأسلوب اللبق في إدارة الأمور، فغياب التفكير السليم يؤدي إلى قرارات مرتجلة لا تواكب الواقع، ولا تخدم بشكل سليم مصلحة العمل، فتتحول بيئة العمل إلى شعارات جوفاء بدلًا من أن تكون مسارًا فعليًا وحقيقيًا للنهوض والتطور.

أماكن العمل تُعتبر كيانًا حيًا، لا تُبنى بالعشوائية، ولا بضجيج مغلف بخواء، ولا تُدار بالأوامر الجافة، بل بالعقول المدبرة، والقرارات الحكيمة، والحوارات المثمرة.

من البديهي جدًا أنه لن تنهض أي بيئة عمل أيًّا كان مسماها: شركات أو مصانع أو جامعات أو مستشفيات أو مدارس، إلا حينما يُعاد النظر في طبيعة بعض العقليات التي تتولى القرار في تلك البيئات، وتصحيح مسارها وتحسين سلوكها بشكل أو بآخر، وهو يعد خطوة نحو التأثير.

أقول: لا للتصنع، بل للوضوح والعمق واللباقة، فدائمًا العقل النير والمستنير يحتاج فكرا وعمقا وأسلوبا يليق به، فكن عميقًا وكن لبقًا.