تصدّرت الكاتبة والباحثة الفرنسية كاثرين بيريز شكدم عناوين الصحف بعد كشف تورطها في اختراق غير مسبوق للنظام الإيراني من الداخل، في واحدة من أكثر القصص غموضًا وإثارة في السنوات الأخيرة.

وتعد كاثرين بيريز شكدم هي كاتبة وباحثة سياسية فرنسية من أصول يهودية، وُلدت ونشأت في بيئة يهودية علمانية في فرنسا. لاحقًا أعلنت إسلامها وتشيّعها وبرزت كصوت داعم لإيران في الإعلام الدولي الناطق بالإنجليزية.

وظهرت شكدم بدايةً ككاتبة في مواقع محسوبة على محور المقاومة، أبرزها: وكالة تسنيم الإيرانية، قناة برس تي في الإيرانية، مواقع تحليلية مقربة من الحرس الثوري، نشرت عدة مقالات تمجّد الثورة الإيرانية وتتبنّى الرواية الإيرانية حول قضايا الشرق الأوسط وهو ما جعلها محل ترحيب واسع داخل إيران.

ولاحقًا، تبين أنها استغلت تقرّبها من شخصيات نسائية في عوائل كبار المسؤولين الإيرانيين خصوصًا بعد إعلانها التشيّع ما سهّل دخولها إلى أماكن مغلقة ودعوات خاصة، فيما ترددت معلومات شبه مؤكدة عن تواصلها مع أكثر من 100 شخصية سياسية ودينية داخل إيران بعضها محسوب على الدائرة المقربة من المرشد الأعلى علي خامنئي.

وفي أواخر 2021، انكشفت القصة بعد أن نشرت صحيفة The Times البريطانية تقريرًا يكشف أن شكدم كانت تكتب من خلفية يهودية صهيونية، وأنها تمكنت من الوصول إلى مستويات حساسة في النظام الإيراني، بغطاء أكاديمي وإعلامي.

وأثار ذلك موجة غضب في طهران، حيث تم حذف جميع مقالاتها من المواقع الرسمية وبدأت التحقيقات داخل وسائل الإعلام التي تعاملت معها، بينما اتُّهمت بشكل غير رسمي بأنها قد تكون سربت معلومات استخباراتية ساهمت لاحقًا في عمليات نوعية ضد إيران.

ويعتبر أبرزها: اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده، استهدافات إسرائيلية دقيقة لمواقع عسكرية داخل إيران، بالرغم من أن السلطات الإيرانية لم تصدر بيانًا رسميًا يتهمها بالتجسس إلا أن وسائل الإعلام المعارضة والمستقلة تحدثت عنها كـ”أخطر اختراق فكري واجتماعي للنظام”.

وفي مقابلات لاحقة مع قنوات إسرائيلية وفرنسية قالت شكدم: “لقد خدعتهم لأنهم يريدون أن يُخدعوا كنت امرأة غربية متشيعة تتحدث عن آل البيت كانوا يفتحون لي الأبواب بلا سؤال”، مضيفة: “النفاق داخل النظام الإيراني كان أوضح من أن يُخفى وكنت أرى كل شيء من داخل بيوتهم”.

ويأتي ذلك لتبقى قصة كاثرين بيريز شكدم مثالًا على كيف يمكن لعنصر فكري أو إعلامي، دون لجوء إلى سلاح، أن يخترق أنظمة مغلقة عبر استغلال الرمزية الدينية واللغة السياسية ولا تزال تداعيات قصتها مستمرة حتى اليوم خصوصًا مع تصاعد الاستهدافات الأمنية داخل إيران، وسط تساؤلات: كم “شكدم” آخر يعمل بصمت داخل طهران؟