قال إمام المسجد النبوي الشيخ عبدالباري الثبيتي – في خطبة الجمعة – أن استشراف المستقبل يحمي الأفراد والأمم والمجتمعات من الأزمات الطاحنة، وأنه لا يبنى على الأماني الفارغة أو ضياع الحاضر بل بالاعتبار بالتاريخ ودروس الماضي وقصص السابقين , مشيرا إلى أن الاستشراف يبنى على الحاضر فمن ضيع حاضره عجز عن صناعة مستقبله , كما أنه يقوم على استثمار الفرد عمره في تنمية عقله وفكره , ويتأسس على العلم الذي يضيء الطريق ويرقى بالبلاد ويحميها, وكذلك على التربية والتزكية التي تبني الأجيال.

وقال : نبي الله يوسف عليه السلام استشرف المستقبل وأحسن التخطيط والتدبير فأنقذ الله به البلاد والعباد من أزمة اقتصادية طاحنة , وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يستشرف المستقبل بنظرة المتفائل الواثق بوعد الله فيقول : ” والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حظر موت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون “.

وتابع : استشراف المستقبل يوقظ النفوس الحية ويوقد الهمم , ويطرد اليأس ويقاوم الإحباط ويدفع للتأمل لاستثمارات إمكانات الحاضر في سبيل بناء مستقبل مشرق , محذرا من تنكب الطريق في استشراف المستقبل بالوقوع في المحرم من كهانة وسحر وشعوذة.

وأردف : خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان جنينا ببطن أمه ثم ولد طفلا ثم صار شابا قويا ثم كهلا , فما كان مستقبلا يصير حاضرا , والحاضر يصبح ماضيا , والذي يشغل عقل الإنسان ويملأ عليه وقته هو التفكير في المستقبل , ولقد تقرر في عقيدة المسلم أن المستقبل من علم الغيب الذي لا يحيط به إلا الخالق سبحانه ” قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ” , لكن التطلع إلى المستقبل والشوق إلى معرفته واستشرافه من فطرة الله التي فطر الناس عليها , والنفوس مجبولة عليه وهو من صميم الإسلام.