مع بزوغ فجر هذا اليوم، تتراءى لنا إشراقة شمس عام جديد، معه تُطوى من الذاكرة أيامٌ كانت مثقلة بكمٍّ كبير من الدروس؛ منها ما أسعدنا، ومنها ما أثقل كواهلنا.
لذلك، من المهم جدًا خلال هذه الفترة الجلوس مع الذات جلسة محاسبة ومراجعة وتصفية لكل الحسابات.
فعليًا، نحن نحتاج لذلك في ختام كل عام، نحتاج أن نحسب ما لنا وما علينا من أرباح وخسائر، نجاحات وإخفاقات في جلّ حياتنا. نحن نحتاج إلى قفل ملفات حسابات العام المنصرم بكل ما مرَّ فيه.
بطبيعة الحال ليس هنالك ملفات منسية ولا مواقف سنتجاوزها بدون أن نصفي حساباتنا؛ فلا بد أن نسعى إلى أن نحاسب أنفسنا أولًا:
“حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا”.
ومن ثم اسعَ إلى قفل جميع ملفات الماضي التي أوجعتك وأرهقتك تمامًا، ولا تحاول بأي شكل من الأشكال العودة للوراء أو البحث أو النبش في تلك الملفات التي أغلقت. لا تراقب ما مضى أو تفكر أن تسترجعه حتى.
فالطريق الذي أدرت له ظهرك لا تُدِر له بصرك مهما يكن.
لا تلتفت للماضي، لأن ذلك الالتفات سيحيي الذكريات ويجدد الأوجاع فقط، دون أن يعيد لك ما ذهب منك وعنك. حاول أن تتعلم كيف تطوي الصفحات التي لا طائل منها، وابدأ بتصفح صفحات أخرى أجدد وأجمل، لأنك تستحق أن تعيش بطمأنينة وراحة وسلام. لا تهدر عمرك بالتحسر على ما فات.
ابدأ العام الجديد بروحٍ جديدة وبقلبٍ جديد. لا تحزن مهما حمل لك العام الماضي من مآسٍ. انظر للعام الجديد كعطيّةٍ منحها الله تعالى لك، وفرصةٍ أخرى لتبدأ من جديدٍ انظر للأمام برجاءٍ وثقةٍ، ألا تكرر في العام الجديد ما ارتكبته من أخطاءفي العام المنصرم. أقبل على هذا العام بروحٍ متجددة وإيجابية، وتأمل الانتقال إلى عالم جديد مختلف الملامح، متباين التفاصيل، ومزدحم بالأحداث السارة والسعيدة بإذنه تعالى.
هذه الحياة تمنحنا أحيانًا من جمالها ورونقها ما يملأ قلوبنا نورًا وأرواحنا بهجة، وأحيانًا أخرى تقسو علينا بما يجعل الأحزان تفرد أجنحتها فوق أرواحنا وتخيم على قلوبنا.
إلا أننا يجب أن نكون على يقين دائم بأن خالقنا لطيف بعباده، ينهض الأمل في قلوبنا كفجر واعد؛ يدعونا للمضي بخطى واثقة نحو غدٍ لم يُكتب بعد. نستقبله بقلوب مليئة بالرجاء بأن تحمل أيام هذا العام كل أمانينا المؤجلة، وأن يكون عامنا أفضل مما مضى.
وآخر دعوانا:
ربنا اجعل كل ما نمضي إليه أجمل مما مضى، وارضنا بقضائك وقدرك حتى نحيا سعداء.
التعليقات
اترك تعليقاً